الاثنين، 2 نوفمبر 2015

مقرر : النظام التربوي في الإسلام (4)




مقرر : النظام التربوي في الإسلام (4) 

نصائح للمتعلم أو طالب العلم  :
     اختيار المعلم .
     الجد والمواظبة .
     المطالعة والمناظرة .
     مراعاة الأدب مع المعلم .
     المناقشة في الدروس مع المعلم ومع المتعلمين ( تذاكر العلم ) .
     المسائلة أي طرح الأسئلة ولكن باعتدال وليس بكثرة .
     الفهم أو التفهم .
     السماع المباشر من الشيخ .
     التواضع .
     استغلال وقت الفراغ في طلب العلم .
     حمل أدوات الكتابة ( الورق والدواة أو القلم ، لوح ، محبرة )  .
     تقسيم الأوقات : أفضل أوقات الحفظ في الأسحار ، والمراجعة والمذاكرة في الصباح الباكر مع الغير ، والمطالعة لوحده في وسط النهار .
     الرحلة في طلب العلم ( رحلة الحج وغيرها ) .

     وذكر الشهيد الثاني في ( منية المريد ، ص106 )آداب المتعلم مع شيخه وفي مجلسه الإذن قبل الدخول و الإصغاء إلى الشيخ وحسن خطاب الشيخ وعدم رفع صوته .


النضج العقلي :
     يكون المتعلم على مسنوى من الذكاء والفهم .

الاستعداد :
     قابلية واستعداد المتعلم الجسمي والنفسي  وسلامة حواسه الخمس لتلقي و استعداده على التعلم .

الدافعية :
     الطاقة التي تدفعه على التعلم .

الممارسة :
     ويطلق عليها الخبرة أو التكرار والتدريب والتطبيق ( ص139 ، همشري ) 

     الطلبة الغرباء في العادة يسكنون في " الخان " مقابل أجر لكن يوجد " خان " يوقفه بعض الأغنياء لطلبة العلم الغرباء ، وكثير من طلبة العلم يلازم شيخه بعد مدة الدراسة المقررة سواء يحل محله في التدريس ، وأما نفقة الطالب يكون في الغالب على أهله وقد يلجأ الطالب إلى احتراف مهنة أو استنساخ مصنف من أجل تأمين معيشته لمواصلة دراسته ( حضارة العراق ج8 ، ص46)

رحلة طالب العلم :
     توجد عدة مصنفات تعالج الرحلة في طلب العلم أو الرواية ، وهذا أحد علماء الإمامية قد ألف في هذا المجال وهو السيد محمد حسن النجفي القوجاني وكتابه " سياحة في الشرق " أنه يصف رحلة طلب العلم قبل أكثر من مائة سنة ، وهو من مواليد 1295هج ولد في إحدى قرى  " قوجان " وتقع شمال " خراسان "  وتوفي فيها سنة 1338هج ،وقد ألف كتابه سنة 1307 هش أي قبل 130 سنة .

     دخل المؤلف " الكتاب " وعمره سبع سنين فتعلم الفارسية والتجويد ومفردات العربية على الرغم من أنه يكره الدراسة في " الكتاب" ويميل إلى اللعب والعمل  في البستان ، لكن والده يحب أن يتعلم ليصبح مثل الميرزا محمد حسن الشيرازي المرجع الديني في سامراء المتوفى 1312هج ، وهو صاحب فتوى تحريم التبغ في إيران ،  ثم التحق بمدرسة " الحاج ملا هادي " في " سبزوار " وهي قريبة من " نيشابور "  ودرس " شرائع الإسلام " ويدرس الكتاب في المرحلة الأولى " المقدمات " والكتاب  في الفقه للعلامة جعفر بن الحسن المعروف بالمحقق الحلي المتوفى 676هج ، بعد أشهر قرر المؤلف وبعض زملائه الذهاب سيراً إلى مشهد لزيارة الإمام الرضا –ع- وقال كان لي درس في كتاب المطول من أول كتاب  المعاني أما درس البيان فقد كنت أتباحث فيه مع الأخ الأصغر لزميلي ودرسنا شرح اللمعة والقوانين والمعالم والمغني ، وبعد مدة قرر المؤلف مع أحد زملائه الدارسين الذهاب إلى " أصفهان " للدراسة مروراً بالتربة الحيدرية وكناباد وطبس ويزد،  وفي أصفهان درس المؤلف القوانين والرسائل  والفقه والأصول ، وقد ينتقد المؤلف طريقة دراسة بعض الاساتذة في الأصول حتى قال أن الطالب لكي ينهي دورة واحدة في علم الأصول يحتاج إلى 600 سنة (  ص134  ) وقد درس المؤلف بعض الطلاب .

     دخل المؤلف النجف  في 1318 هج ، وكان المؤلف يحضر درس السيد كاظم اليزدي صاحب العروة أحياناً ، ثم يحضر درس والشيخ محمد كاظم الخراساني المعروف ب " الاخوند " في الغالب في مسجد " الهندي " ، وقد وجدت في النجف 3-4 مدارس للطلاب العزاب ، والمدرسة مكان لسكن هؤلاء الطلبة .

     يقول المؤلف علمت أنني بلغت إجازة الاجتهاد بعد سنتين من قدومي  إلى النجف وكان رأيي يتفق في أغلب الأحيان مع رأي الآخوند في المسائل المطروحة  للبحث قبل أن يبدي هو رأيه ، وإني لا أقلده إلا في موارد نادرة لا أستطيع فيها استنباط الحكم ( ص246) لكنه يقول في ( ص 257  ) بعد مضي على وجودي في النجف سبع سنين سنة 1325 هج أنهيت دورة ونصف الدورة من دروس أصول الآخوند ( كفاية الأصول )

تنمية المواهب الإبداعية لدى المتعلمين :
     تهدف التربية إلى تنمية مواهب الطفل وقدراته ثم إعداده ليكون عضواً نافعاً في المجتمع انطلاقاً من رغبته وهوايته ليبدع في مجال عمله، ويمكن اكتشاف موهبة الطفل وقدراته من خلال اللعب والأعمال الأخرى، وهذا الاكتشاف المبكر يساعد في توجيهه نحو البرامج التي تصقل قدراته، ويجب على المربي أن يمد الطفل بالأدوات والمواد ويشجعه لكي يكتشف مواهبه الكامنة ، وقد دعا بعض علماء المسلمين  إلى النظر إلى استعداد الطفل فإن كان سريع الفهم صحيح الإدراك قوي الحفظ وجهه نحو العلم، وإن كان يحب صنعة  أخرى مكنه من أسبابها ، وهذا يعني عدم الضغط على المتعلم في دراسة تخصص ما وهو لا يميل إليه ، خاصة بعد أن يقطع شوطاً من عمره ويشعر أن له رأياً ، وهذا ما أكد عليه الإسلام وطبقه مفكرو الإسلام ، فالإنسان في صغره قد يلتجأ إلى العلم لكنه يترك حلقة العلم ويميل إلى الحرف اليدوية دون ضغط من ولدايه أو معلمه ، وبالتالي حرية ترك للولد ما يختار يجعله ينمي المواهب التي تكون كامنة في نفسه سواء العلمية منها أو غبر علمية .

خصائص الطفل الموهوب :
     شعوره بالغربة والوحدة عندما يجد الفارق بينه وبين أقرانه ، ونضج عقله وتعاونه وسرعة تعلمه وطرحه أسئلة فوق مستوى سنه الزمني .

     وفي النجف الأشرف تأخذ الدراسة طابع النقاش وإبداء الرأي وطرح آراء الآخرين مع تنفيدها وهذا الأسلوب من شأنه تنمية الموهبة او الإبداع في المتعلم او طالب العلم .

     ومن أساليب المباحثة مع الأقران هو اتفاق إثنان او أكثر من الطلبة على درس ما للمباحثة ويسمونه " بحث مقابلة " ، ويتقدم أحدهم فيلقي الدرس أمام زملائه بالشرح وطرح الآراء حتى يقتنع زملاؤه بأسلوبه في حال عجزه يحاول آخر تولي الشرح والتبسيط وإلا لجأوا إلى الاستاذ ( الدجيلي ، ص 211)

     وأسلوب المذاكرة وهو يتم في أي مكان وزمان بين طالبين فيطرح أحدهما على الآخر سؤالاً فإذا أجاب سأله سؤالاً أكثر تعقيداً وقد يحضر هذه المذاكرة أو المناظرة طلاب آخرون ( الدجيلي ، ص211) 

     وفي العصر الحديث نادى التربويون على ضرورة كشف المواهب لدى الطلاب وصقلها ورعايتها ، وقد وضعت برامج خاصة للموهوبين والمبدعين وهم في المدارس العامة ، ولو  أن بعض نادى بإنشاء مدارس خاصة لهم ، إلا أن الإمكانات المادية تحول دون إنشاء مثل هذه المدارس في كثير من دول العالم .

سادساً : أماكن التعليم ( المبنى المدرسي ) :
     تعددت هذه الأماكن بتعدد الأماكن واختلاف الظروف والعصور ، لذا لم يعرف النظام التربوي في الإسلام مكان أو مبنى واحد للتربية والتعليم عكس المدرسة الحديثة إذ أن المبنى ثابت وله مواصفات معينة قد تتغير إلا أن ممارسة عمليتي التعليم والتعلم لا تخرج عن نطاق المبنى المدرسي بشكل عام ، وقد اشتهرت بعض المدن بالتربية والتعليم عند المسلمين عامة والشيعة خاصة : المدينة المنورة ( مسجد النبي ) والكوفة وبغداد والنجف أيام الشيخ الطوسي وحلب والموصل أيام بني حمدان وقم والري والمغرب أيام الأدارسة ومصر أيام الفاطميين  ( القزويني ، ص249)   

أشهر أماكن التعليم في النظام التربوي الإسلامي :

1- المكتب أو الكتاب :  
     ويقال المكتب والكتاب شيء واحد ، والجمع المكاتب والكتاتيب ، والمكتب أو الكتاب هو مكان لتعليم الصبيان ، ويطلقان على التعليم الأولي أو ما يعادل المرحلة الابتدائية ، وقد أشار الجاحظ ( ت255) إلى وجود نظام الكتاب في عهد النبي (ص) وأنه كان منتشراً في القرى والمدن ( البيان والتبيين ، 1/251)

ما أسباب انتشار نظام الكتاب في العالم الإسلامي ؟
     لعل ذلك يرجع إلى حث الإسلام على العلم ، ويجب تعلم سورة الفاتحة وغيرها في الصلاة اليومية .

وقد قسم بعض التربويين الكتاب إلى :
     الكتاتيب الخاصة بتعليم القراءة والكتابة والحساب في منازل العلماء ، وكتاتيب تدرس القرآن ومبادئ الدين الإسلامي في المساجد خاصة في عهد الأمويين .

     وكان بالحرم النبوي عدة كتاتيب يقوم عليها عدد من معلمي القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن ، لذا كان بعض المساجد يشتمل على كتاب لتعليم اللغة العربية وقراءة القرآن ( كتاب عناية المسلمين بالوقف 1/15)

     وكان بعض محسني المسلمين يشتري المصاحف والألواح ويووزعها على أطفال الكتاب ( كونوا على الخير أعواناً 1/27 )

     ولكن نقل عن صادق أهل البيت –ع-  قوله  " جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانيكم " ( فياض ، ص 62) ، و زاد عدد الكتاتيب منذ القرن الثاني الهجري فصار في كل قرية كتاب لتعليم القرآن ، وقد ذكر ابن حوقل المتوفي 977م في كتاب " المسالك والممالك " وجود 300 كتاب في مدينة واحدة من مدن " صقلية " وذكر أن كتاب واحد يسع  مئات الطلاب ، وفي عصر الأئمة لم توجد كتاتيب التعليم الأولي  خاصة بالشيعة ، وإنما كانت الكتاتيب واحدة في أغلب الأحيان لأنها أماكن تعليم القرآن واللغة العربية فهي تخص المسلمين كافة  ، ولو أن بعض الأئمة اجتنب بعض كتاتيب أهل السنة وأوصوا بعض المؤدبين الخاصين لتعليم أولادهم  كالإمام الصادق –ع- أوصى أحد المؤدبين تعليم أولاده  ، على الرغم من أن بعض معلمي الكتاب لا يتعصبون لمذهبهم فيختاره الإمام كمربي لتعليم ابنه ، وهذا لا يعني عدم وجود معلم شيعي يعلم الصبيان فمنهم عمير بن عامر الهمداني الذي كان معلم كتاب في الكوفة ( فياض ، ص 64)

     من معلمي الكتاب عند الإمامية عمير بن عامر الهمداني كان له كتاب في الكوفة و الكميت بن زيد الشاعر كان له كتاب في الكوفة أيضاً .

ماذا يتعلم الصبي ؟
     روايات في فضل الصحابة أيام معاوية ، في كتاب الشيعة أشعار في مدح أهل البيت ، وتعليم القرآن والخط وكتابة الرسائل وتعليم حروف الأبجد ، ومباديء الحساب .

متى تبدأ الدراسة في الكتاب ؟
     تبدأ كل يوم صباحاً من السبت حتى يوم الخميس ، وفترة مسائية بعد صلاة العصر وحتى قبيل غروب الشمس حتى يوم الخميس حتى ظهراً ، والعطلة يوم الجمعة في الأعياد .

هل يوجد احتفال لخريج الكتاب ؟
     نعم ، يؤخذ لوح الذي يدرس عليه الصبي ويلف بقماش حرير أخضر ويثبت في وسطه " بنجر " وهو عبارة عن سوار من الذهب وينطلق الصبيان من بيت المطوع وهم يلبسون ملابس جديدة ويقدمهم شخص ينشد " التحميدة " فيدار بالصبي أو الفتاة إلى منازل أسرته وبيوت زملائه ويوضع اللوح على رأس الخاتم ( الصبي ) وهناك من يضع النقود على اللوح هدية لهذا الخاتم ( ص85، الحرز )

في الكويت :
     الختمة عبارة عن رسم يأخذ المطوع من التلميذ إذا ختم جزء من القرآن ، ويقوم الخاتم بالطواف حول البيوت بصحبة أهله وأقربائه حاملاً سيفه وعباءة وعقال ووراؤه الأطفال ينشدون " التحميدة " ، ويجمع الأطفال ما يتيسر من المال للمعلم أو يشتري له هدية تقدم له ( ص473 ، السعيدان )

هل يأخذ معلم الكتاب أجراً ؟
     التعليم في الإسلام من العبادات لا يأخذ المطوع أجراً وإنما تعارف بأخذ هدية في تعليم القرآن ، لكن أباح الفقهاء للمعلم أخذ الأجرة في تعليم الكتابة والقراءة والحساب .

التأديب في نظام الكتاب :
     التأديب عبارة عن عقاب المطوع الصبي لقصوره في الدراسة أو لسلوكه السيء أو لغير ذلك كما يأتي .

مسوغات العقاب :
     الغياب بدون عذر ، التأخر عن الدراسة ، الهروب عن الكتاب ، الإهمال الدراسي ، الخلل السلوكي أي إساءة المتعلم الأدب مع زملائه .

طرق التأديب :
     النصح والتوجيه ، الزجر والتوبيخ ، الضرب ، إبلاغ ولي الأمر ، الإيقاف عن الدراسة لفترة ( ص95 ، الحرز )

السلبيات في نظام الكتاب :

أسباب تعود إلى المعلم :
     قسوة الصبيان باستخدام العقاب البدني ، تحقير بعض المتعلمين ، السرعة والعجلة في التدريس ، ، التفرقة بين المتعلمين ، ضعف التلاوة عند المعلم ، كثرة المتعلمين وضيق المكان بهم .

أسباب تعود إلى الأسرة :
     ضعف الصلة بين الأسرة ومعلم الكتاب ، عدم متابعة الأسرة لما تعلمه الصبي ، عمل الصبي بعد الدراسة ، عامل الوراثة ، البيئة الفاسدة ( ص104 ، الحرز )

الأدوات المستخدمة في الكتاب :
     القلم ويتكون من القصب ،  والحبر يصنع من حبة البركة أو الحبة السوداء ، الورق أو الكاغذ للكتابة عليه والكرسي وعبارة عن لوح لوضع المصحف عليه ، والبشتختة وعبارة صندوق خشبي يحفظ الصبيان أدواتهم فيه بعد انتهاء الدراسة وأيضا يستخدم للكتابة عليه ، والبقشة وهو كيس يحمل فيه الصبي كتبه ويصنع من القماش الأبيض في الغالب ، واللوح الخشبي للكتابة عليه ، والمقصاص وهو عود من الخشب يشبه القلم غير مبري ويستخدم لتحديد موضع التلاوة كي لا يضع الصبي أصبعه على حروف القرآن ، والبيانة لتحديد موقع ما يقف عليه الصبي عند انتهاء الدرس وتكون من الورق الملون أو من ريش النعام ، والحصير ويسمى المدة ويصنع من أعواد وينسج من خوص النخيل ويستخدم للجلوس عليه أثناء الدراسة ، والعصا عبارة عن خشبة من الخيزران وتستخدم لضرب الصبيان الكسالى ن والجحيشة أو الفلقة وهي من وسائل العقاب البدني يستخدمه المطوع ( ص81 ، الحرز ) 

2- المسجد :
     في اللغة المسجد هو البيت الذي يسجد فيه ( تاج العروس ، مادة سجد )

     لم يكن المسجد له صفة عبادة أي لصلاة فيه فقط ، بل وله وظيفة تعليم ، إذ كان نبي الإسلام يعلم أصحابه أحكام الدين ، وقد اشتهرت بعض المساجد بدورها التربوي والتعليمي مثل جامع عمرو بن العاص سنة 21هج وبدأت تعقد فيه حلقات الدرس منذ 38 هج وقيل فيه تعقد ثمان حلقات في العلوم الدينية من تلاوة وفقه وحديث وتفسير ونحو وشعر ( الخطط ، المقريزي ) ثم جامع المنصور العباسي ببغداد وكان أشهر أساتذته الكسائي وتم تجديده في عهد الرشيد ، والمسجد الأموي بدمشق أنشأه الوليد بن عبدالملك .

     هذا وقد أحصى مؤلف كتاب الدارس في تاريخ المدارس عدد المدارس التي تنتمي إلى المذاهب الإسلامية الأربعة مثل  الشافعية لهم 60 مدرسة والحنفية 52 مدرسة والمالكية 4 مدارس والحنابلة 11 مدرسة وكلها في بلاد الشام .

     وكان أئمة أهل البيت يتخذون المسجد مكاناً لتعليم أحكام الدين وعقد الدروس في المواعظ والحكم ، وبعد انتقاله إلى الكوفة اتخذ أمير المؤمنين مسجد الكوفة منبر خطابة وإرشاد إلى جانب تعليم المسلمين أمور الدين ، وهكذا بقية الأئمة فهذا الإمام السجاد –ع- في كل جمعة يعظ المسلمين ويذكرهم بالآخرة في مسجد جده رسول الله (ص)  ، وكذلك الإمام الباقر –ع- كان يجلس في المسجد النبوي وقد علم أبا حنيفة مسائل ، وكذا الإمام الصادق –ع- كان يرد على شبهات الزنادقة في المسجد لكي لا يشككوا المسلمين بعقيدتهم خاصة أيام موسم الحج ، وكان أيضا يفتي ويعلم الناس القرآن ، وأيضا عندما يحضر إلى الكوفة يستغل مكثه فيها ليعلم الناس ويعظهم .

     وكان الأئمة يشجعون من يرون فيه الكفاءة والدراية ليجلسوا في مسجد النبي (ص) كما أمر الإمام الباقر –ع-  أبان بن تغلب وهذا التلعكبرى من علماء الشيعة الإمامية يعقد الدروس  في مسجد الكوفة في سنة 333هج ، واختص بعض شيوخ الشيعة بملازمة المسجد لتدريس طلبتهم كما روي عمن شاهد جعفر بن بشير الوشاء وكان من زهاد وعباد الشيعة المتوفى 208هج ( رجال النجاشي ) ، وهذا يعني أن علماء وشيوخ الشيعة يؤمون مساجد خاصة لنشر علوم أهل البيت خاصة حيث لا تتوفر لهم فرص عقد هذه العلوم في المساجد العامة بسبب الظروف السياسية والتعصبات المذهبية .

     في المساجد تعقد حلقات الدرس والمناظرة والوعظ ، وقد يعتقد بعض أن حلق الذكر هي مجالس تبين مسائل الحلال والحرام في المعاملات التجارية وفي النكاح والطلاق  ، ونظام الحلق عبارة عن نظام التدريس سواء عند الإمامية وعند السنة والإسماعيلية .

     واستغل أئمة أهل البيت ومواليهم العتبات المقدسة أو مراقد الأئمة في عقد الدروس وهذه العتبات عبارة عن مساجد تقام فيها الصلاة وتعقد فيها المواعظ وتدريس علوم أهل البيت خاصة خلال القرنين الرابع والخامس الهجريين خاصة بعد هجرة الشيخ الطوسي إلى النجف الأشرف واتخاذها مدرسة لتدريس علوم آل البيت ، وأهم هذه المراقد مرقد أمير المؤمنين في النجف ومرقد الإمام الحسين بكربلاء ومرقد الإمام الكاظم والجواد بقرب بغداد ومرقد فاطمة بنت الإمام الكاظم وأخت الإمام الرضا وتعرف ب المعصومة  في قم ، ومرقد الإمام الرضا بمشهد  ، وكانت هذه المراقد فيها أماكن للسكن والتعليم ، واشتهر الأشعريون بحفظ أحاديث أهل البيت والرواية عنهم وهم شيعة أهل البيت أنهم سكنوا "قم " وجاوروا السيدة المعصومة وأقاموا مدرسة حديثية فيها .

تنظيم الدراسة :
     تنظم الدراسة بشكل عفوي وفردي وبجهود العلماء بهدف التوعية وتعليم القرآن وأحاديث النبي (ص) ، ويغلب على الدراسة طريقة المحاضرة والتلقين ويستغل كل فقيه زاوية من زوايا المسجد الجامع لدراسة مذهبه ، وتأخذ الدراسة شكل حلقات الدرس ، وتكون الدراسة في الفترة الصباحية إلى صلاة الظهر وقد تكون أيضا بين صلاة العصر والمغرب .

عوامل تعطيل الدراسة في المسجد :
     الأحوال الجوية : الأمطار والسيول والفيضانات .
     الصراعات المذهبية بين الجماعات الإسلامية .
     العطلة أيام الجمع والأعياد .
     قراءة بيان السلطان أو الوالي .
     موت إحدى الشخصيات العلمية والسياسية .

أنواع المساجد :
     المسجد الجامع .
     مسجد الحي أو المدينة أو القرية .
     مسجد خاص وشخصي .

     غالباً المساجد الجوامع تتحول إلى مدارس أو جامعات مثل جامع عمرو بن العاص وجامع الأزهر وجامع بن طولون وجامع القرويين  ويرجع ذلك إلى :
     كبر مساحة المسجد الجامع .
     تعدد الأدوار والغرف فيه .
     توسط موقع الجامع وسط المدينة .
     اهتمام الخلفاء والأمراء وقد يأمر الوالي والحاكم بعقد حلقات الدرس فيه .
     توفر الوسائل والمرافق في المسجد الجامع .

3- منازل العلماء :
     كان الرسول في بداية الدعوة يستغل دار الأرقم بن أبي الأرقم لتعليم أصحابه أحكام الدين وقراءة آيات القرآن عليهم ، وانتقلت هذه العادة إلى علماء المسلمين من السنة والشيعة ، وقد كانت دور الأئمة أماكن للتعليم والتدريس خاصة في الظروف المواتية لهم وغير شديدة أو أثناء تخفيف الرقابة عليهم ، وكان العلماء يقصدون بيت الإمام الباقر عندما يزورون المدينة ، كذا كان بيت الإمام الصادق والإمام الرضا ، وهذا الإمام الصادق كان يجلس للعامة والخاصة ويأتيه الناس من الإفطار ( الصباح الباكر ) يسألونه عن الحلال والحرام وعن تأويل القرآن وفصل الخطاب ( الحكمة ) ( الوصية ، المسعودي ، ص154) ، دخل أبو حنيفة المدينة فقال له صاحبه ههنا جعفر بن محمد من علماء آل محمد ، فاذهب بنا إليه نقتبس منه علماً ، فلما أتياه إذا هما بجماعة من علماء شيعته ينتظرون خروجه أو دخولهم عليه ( فياض ، 127 )  واتبع هذه العادة علماء الشيعة أمثال الشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي في بغداد ودار محمد بن مسعود العياشي من أشهر منازل العلم ، وسار أمراء بني حمدان على هذا المنوال فكانت دورهم كعبة العلماء والشعراء والأدباء وأيضا الخلفاء الفاطميين  ( القزويني ، ص342 ، نقلاً عن أبي زهرة ، تاريخ المذاهب الإسلامية ، ص688)  ،  وكان الأئمة يحثون تلامذتهم بكتابة ما يسمعون عن إمامهم ، وكان الإمام الباقر والصادق –ع- يستخرجون صحيفة الإمام علي ليعرضوها على خاصتهم من الموالين في  منازلهم ، وأوصى الإمام الصادق شيعته بحفظ رسالة وصية وإرشاد وأمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها ، فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم ، فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها ، وكانت منازل ودور الشيعة أماكن لتعليم العلوم مثل دار محمد بن عمران المرزباني  المتوفى 385هج كانت واسعة وفيها أماكن للمبيت والسكن وكان شيوخه يحضرون إلى داره فيسمعهم ويسمع منهم ،  وعنده (50 ) لحاف ودواج ، وهناك دار ابن همام في قم ودار الحسن بن محمد السكوني في الكوفة ودار هارون التلعكبري في بغداد ، وأهم دار للتعليم لدى الشيعة الإمامية دار محمد بن مسعود العياشي وقد انفق الكثير من تركة أبيه على العلم والمتعلمين (300 ألف دينار )  وكانت داره كالمدرسة ما بين ناسخ ومعلق وقارئ كانت داره قد خرجت الكثير من العلماء والحفاظ ، وكان للعياشي مجلسان خاص وعام ، وتخرج على يده علماء كثيرون منهم محمد بن عمر الكشي ، وقد خصصت بعض أجزاء  الدور لعدة أمور ونشاط مثل جزء للصلاة وجزء للتدريس وجزء للمبيت وللراحة ن ودار علم للشريف الرضي في بغداد لدراسة الطلاب وللسكن أيضاً .

4- مجالس العلماء   :
     هي عبارة عن أماكن لتعليم العلوم ، وقد اشتهرت مجالس عند السنة والشيعة ونقل عن ابن النديم أنه قال كان يوم يلزم مجلس أبي عمرو الشيباني أحمد بن حنبل وكتب عنه حديثاً كثيراً  ،وقد شجع أئمة أهل البيت –ع- تلاميذهم  على الجدل والمناظرة وزودوهم بالبراهين والأدلة ، وهناك إشارات عن وجود مجالس للأئمة مثل مجلس للإمام الصادق ومجلس للإمام الرضا ومجلس لبعض شيعتهم مثل مجلس أبان بن تغلب ومجلس الشيخ المفيد الذي حضر مجلسه خلق كثير من العلماء وسائر الطوائف ( الكامل لابن الأثير ، ج7  ، ص313 ) ، ومن أشهر المجالس لعقد الدروس مجلس السيد المرتضى في النحو واللغة ، وقد ألف بعض العلماء كتباً سموها " الأمالي " هي عبارة عن مجالس أو جلسات مثل أمالي المفيد وأمالي الصدوق وأمالي الطوسي .

     وفي عصر الفاطميين عقدوا مجالس العلم لنشر مذهب الشيعة الإسماعيلية ، وكذا عقد سيف الدولة الحمداني مجلساً مميزاً بالأدب والشعر .

5- دور الكتب :
     هي عبارة عن خزانات عامة للكتب ( المكتبات ) ويخصص قسم منها لمطالعة الكتب ونسخها ، وفيها يجتمع العلماء للتباحث والمناظرات ، يقال أن أول من أنشأ دار الكتب ( خزانة ) هو خالد بن يزيد بن معاوية ، ومن أشهر دار للكتب عند السنة دار الحكمة للرشيد و خزانة ابن المنجم المتوفى 275 هج ويسميها خزانة الحكمة بقرب بغداد وكان يقصدها طلاب العلم ودار جعفر الموصلي المتوفى323هج وكان يهتم بالشعر والأدب .

     أهم دور الكتب عند الشيعة دار عضد الدولة البويهي في شيراز وكان يشرف عليها وكيل وخازن ، ودار كتب ابن سوار وهو كاتب عضد الدولة وله دار في رام هرمز ودار بالبصرة وكانتا مخصصتين للقراءة والنسخ وتدريس علم الكلام ، ودار علم سابور بن أردشير وكان وزيراً لعضد الدولة البويهي وكانت تحتوي على عشرة آلاف مجلد  وأنشاها في 381هج واحترقت بعد اجتياح طغرلبك السلجوقي بغداد سنة450 هج  وسقوط سلطة بني بويه  ، وقد أشار أبو العلاء المعري على أنه زار هذه الدار سنة 399هج ، ودار علم الشريف الرضي ببغداد وكان يقطنها الطلاب للدراسة والمطالعة وهي تشبه المدرسة الداخلية وقد انفق السيد الرضي على بعضهم ، وفي داره خزانة للكتب وتشبه المكتبة وقد قام السيد الرضي بالتدريس في داره .

     وقد كانت دور العلم التي أسسها الشيعة مستقلة عن المسجد ويتمتعون بالحرية في تعليم مذهب أهل البيت –ع-  وتحتوي على مصنفات الشيعة ، وكانت تعقد فيها حلقات الجدل  والمناقشة في المسائل العلمية ، وأشهر دار الكتب الآن هي دار الكتب الحيدرية وتوجد بقرب مرقد أمير المؤمنين –ع- وفيها كتتب نادرة من مخطوطات ووجودها برقب الضريح المقدس جعل السلاطين والأمراء يهتمون بها كثيراً .

     ذكر محمد كرد علي أن القاضي جلال المللك أبا الحسن علي بن محمد بن أحمد بن عمار جدد في طرابلس دار العلم ودار الحكمة وذلك في سنة 472هـ لتكون مركزاً من مراكز التشيع لنشر العلوم والاداب ( خطط الشام ، ج1 ، ص38 ط1926 )

ازدهار دور الكتب :
     توجد عوامل لازدهار دور الكتب منها تشجيع الخلفاء والسلاطين وإنشاء هذه الدور كما بالنسبة لبني بويه في بغداد وفارس ، ازدياد حركة التصنيف والتأليف بين العلماء مما كانوا في حاجة إلى الكتب ، واختلاف المذاهب والتنافس بين أصحاب المذاهب في الاقتناء بالكتب وتأليفها لرواج المذهب وتقويته ، وتطور وازدياد صناعة الورق بازدياد تجارة الورق ،  وكثر النساخ في عهد الوليد بن عبدالملك وشاعت الكتب بين الناس في زمن هشام بن عبدالملك ، وتصنيف العلوم والمعارف وازدهار حركة الترجمة ، والاتجار بالمخطوطات بعد نسخها .

حوانيت الوراقين :
     إلى جانب ذلك حوانيت الوراقين التي انتشرت في الدولة العباسية في بغداد والشام ومصر وهي شبيهة بدور الكتب  وقد حول بعض الوارقين محلهم إلى مجالس للمناظرة وملتقى العلماء والخطاطين وتأليف الكتب وترجمتها ونشرها في الأمصار الإسلامية ، وظهر ما يعرف بسوق الوراقين وهو يشبه معرض الكتاب حيث يجتمع فيه المؤلفون والنساخ والخطاطون وطلبة العلم وهواة الكتب ، وازدهرت صناعة الورق وظهرت على إثرها صناعة الخط والتجليد والتذهيب ونسخ الكتب ، وهناك أكثر من مائة حانوت للوراقة في بغداد في القرن الثالث ، وأشهر هؤلاء الوراقين :
     ابن النديم المتوفى 377 وقيل 390هج وهو صاحب " الفهرست " .
     الجاحظ وكان يقضي فترات في الحانوت للاطلاع في الكتب .
     مالك بن دينار المتوفى 131هج .
     علي بن عيسى الرماني المتوفى 340هج استاذ التوحيدي .
     أبو حيان التوحيدي المتوفى 400 هج .
     ياقوت الحموي المتوفى 626هج وكتابه معجم الأدباء .

ومرت صناعة الوراقة بعدة مراحل :
     مجالس إملاء والقاء المحاضرة من قيل الشيخ ويبدأ الوراق بالكتابة ويسمى المستملي وظهرت كتاب " الأمالي " .

     النسخ والمقابلة : مقابلة للأصل والقراءة أمام المصنف للتطابق ما في الأصل ثم الإجازة للرواية وما في المصنف أو المخطوط .

     التخصص في مجال واحد مثل الشعر أو النثر أو الفقه أو السيرة .

     مرحلة النقد والحاشية على الكتاب أي تصحيح الأخطاء النحوية واللغوية .

     هذا وقد ظهر ما يعرف بتحريف الوراق لما ينسخه وقد أشار الخطيب البغدادي في تاريخه إلى هذا التحريف ( تاريخ بغداد ج2 ترجمة ابن الخفاف  وابن خازم وج3 ترجمة السعدي التميمي السمر قندي )     

6- المدارس :
     وفي أواسط القرن الخامس للهجرة بنى نظام الملك الطوسي وزير ملك شاه السلطان السجلوقي المدارس المستقلة الخاصة بالتدريس مما يشبه مدارس اليوم وأجرى على هذه المدارس الأرزاق الكثيرة ووقف لها الأملاك الغنية مما كفل لها العيش وكتب لها الحياة. ولقد بنى نظام الملك المدارس التي سميت باسمه في بغداد واصبهان ونيسابور وأشهر هذه المدارس المدرسة النظامية في بغداد على شاطئ دجلة بناها سنة 457 هـ وعين لها الأساتذة لتدريس علوم الدين والدنيا وكان من أساتذتها الإمام الغزالي.

     ولقد اقتدى السلاطين والأمراء بنظام الملك في تأسيس المدارس فامتلأت بها دمشق وحلب وحمص وحماه والقاهرة والإسكندرية وقرطبة واشبيلية وطليطلة وغرناطة حتى لقد روى ابن جبر الذي طاف بعض أقطار العالم الإسلامي في القرن الهجري السادس انه شاهد 20 مدرسة في دمشق و30 مدرسة في بغداد ولقد قيل بأنه كان في غرناطة 17 مدرسة عليا و120 مدرسة صغيرة وقد أسس الحكم المستنصر في قرطبة 27 مدرسة مجانية لتعليم أولاد الفقراء ودفع رواتب المعلمين من جيبه الخاص.

     وظهرت في القرن الرابع  والخامس الهجري منها المدرسة البيهقية في بيسابور ففي سنة 459 هج ، والمدرسة الفاضلية التي بناها القاضي الفاضل في عام 580 هج في مصر ، والهدف من إنشاء هذه المدرسة هو إبعاد الطلاب عن الأزهر ، ظهرت المدارس النظامية وتنسب إلى الوزير السلجوقي نظام الملك في بغداد والمدارس النورية وتنسب إلى نور الدين زنكي في دمشق وحلب ومصر والمدرسة المستنصرية التي أنشأها الخليفة المستنصر بالله العباسي ( 623هج) والمدرسة الصالحية في 639هج وتنسب إلى الملك الصالح الأيوبي وهي عبارة عن أربع مدارس على المذاهب الأربعة في القاهرة ، والمدرسة الناصرية في عهد السلطان زين الدين كتبغا المنصوري وأتم إنشاءها السلطان محمد بن قلاوون عام 703هج ( همشري ، ص57)

     بنيت المدرسة على الطراز المعماري للمساجد ، حتى أن المدرسة تشبه المسجد إلا في وجود الإيوان وهو عبارة عن قاعة للدرس وأماكن لإقامة المعلمين والطلاب ، لكن هناك تشابهاً بين المسجد والمدرسة إذ وجد مؤذنون للمدارس ويقام فيها منابر للخطابة وإقامة الصلاة ومكان للتقاضي ورد المظالم وهذا ابن بطوطة يصف المدرسة المستنصرية في بغداد أثناء رحلته يقول لكل مذهب إيوان فيه مسجد وموضع التدريس وجلوس المدرس في قبة خشب صغيرة على كرسي عليه البسط ويقعد المدرس وعليه السكينة والوقار لابساً ثياب السواد معتماً ، وعلى يمينه ويساره معيدان يعيدان كل ما يمليه ، وفي داخل هذه المدرسة الحمام للطلبة ودار الوضوء ( رحلة ابن بطوطة ) ويقول ابن جبير الرحالة في رحلته أن عدد المدارس في بغداد 30 مدرسة وأهمها المدرسة النظامية نظام الملك الوزير السلجوقي ، وازدهرت المدارس في عهد الأيوبيين وظهر نظام اجر المعلم ، حيث يكون للمعلم (40) ديناراً ( 20 ) للمعيد إلى جانب صرف الطعام له ، وأهم هذه المدارس في القاهرة المدرسة الناصرية أنشأها السلطان زين الدين ، ويقول المقريزي في ( الخطط ) توجد (13) مدرسة في القاهرة وحدها ( مرسي ، ص98 )

     ولكل مدرسة إيراد خاص بها يؤخذ من الأوقاف التي وقفت على المدرسة للإنفاق على طلبتها وأساتذتها ، واهتمت المدارس بدراسة الدين الإسلامي والفقه على المذاهب الأربعة السنية والتوحيد واللغة العربية ونشر المعارف والعلوم وتقوية مذهب أهل السنة ومقاومة أهل الشيعة ( الابراشي ، ص91) 

     وقد عرف الشيعة نظام المدرسة أيام المؤرخ المقدسي المتوفي 378هج  الذي أشار في مصنفه ( أحسن التقاسيم ، ص44) أنه شاهد بمدينة "إيرانشهر " عدداً من المدارس ولعل بعضها كانت خاصة للشيعة الذين سكنوا هذه المدينة وذلك قبل عهد الشيخ الطوسي المتوفى460هج .

     ذكر أحد الباحثين أن في بغداد (35) مدرسة وفي البصرة (6) مدارس وأما حوزة النجف فيعتبرها من المدارس المساجد ( حضارة العراق ، ج8، ص67)

أسباب إنشاء المدارس :
     الوقوف أمام الدعوة الإسماعيلية في إقليم خراسان .
     الوقوف أمام الحركة الشيعية المتنامية في الأمصار الإسلامية .
     التنافس بين الأمراء والسلاطين في إنشاء المدارس .
     إنشاء جامعة الأزهر في القاهرة على يد الفاطميين الشيعة .
     إنشاء الشيخ الطوسي الحوزة في النجف 447هج .

7- الجامعات الإسلامية :
     عرف العالم الإسلامي جامعات كانت في بداية أمرها مساجد أو مدارس ، فهذا جامع ابن طولون الذي حكم مصر في 253 هج قد تحول إلى جامعة مصغرة وكان محط أنظار العلماء ودرست فيه علوم الدين واللغة والأدب ، أنشيء هذا الجامع سنة 263 هج وظهرت فيه الحلقات العلمية فكانت تدرس دروس التفسير والحديث والفقه على المذاهب الأربعة وأيضا الطب .

     جاء الأخشيديون بعد الطولونيين في حكم مصر ، فحكموا ابتداء من 321هج وأنشأوا جامعاً على غرار جامع ابن طولون وعقدت فيه حلقات العلم وشجع الأخشيدي وخلفاؤه دراسة الشريعة والعلوم والآداب وبرز من علماء الأدب والشعر المتنبي الذي وفد على مصر سنة 346 هج .

جامعة النجف الدينية ( الحوزة ) :
     اشتهر عالم التشيع بظهور الحوزات العلمية التي تقام بجوار المراقد الطاهرة منها النجف الأشرف وكربلاء وسامراء وقم  ومشهد وهكذا بقية الأماكن التي تضم علماء غيورين على الإسلام والمسلمين .

     وسيكون الحديث عن جامعة النجف الأشرف ،  ولهذه الجامعة أرهاصات أولية منها وجود حركة علمية متواضعة قبل هجرة الشيخ الطوسي إلى النجف إذ أن المسجد يعد أول مكان للتعليم لذا يعد مرقد ومقام أمير المؤمنين مركزاً  علمياً لأنه مكان عبادة ، كما أن المسجد مكان عبادة ، لوجود فقهاء هناك بدليل أنهم تلقوا الدعم المالي من البويهيين عام 371هج عندما زار عضد الدولة البويهي  النجف ، كذلك وجود متعلمين وعلماء في النجف قبل هجرة الشيخ الطوسي إلى النجف ، فقد أشار النجاشي في رجاله عند ترجمة الحسين بن أحمد المغيرة أن له كتاب " عمل السلطان " وقد قرأ النجاشي هذا الكتاب بعد إجازة روايته أبو عبدالله الخمري في مشهد أمير المؤمنين –ع- سنة 400 هج ، ثم وجود علماء ومتعلمين الذين تتلمذوا على يد الشيخ الطوسي بعد هجرته إلى النجف  ولم ينقل أنهم هاجروا معه إلى النجف ، وأيضا وجود طاق أو زاوية وهي عبارة عن مكان للسكن كانت مجاورة للقبر الشريف ، مما يعني سكن طلاب العلم فيها وذلك قبل هجرة الشيخ الطوسي ( ص23، الدجيلي ) ،  ولكن مع ذلك يعد الشيخ الطوسي مؤسس جامعة النجف .

     عندما هاجر إليها في عام 448هج بعد استبداد وظلم السلجوقيين للشيعة في بغداد وقضوا على سلطان بني بويه في بغداد عام 447هج وقد كبست دار الشيخ الطوسي وأحرقت كتبه ونهبت داره ( المنتظم ابن الجوزي حوادث 447هج ) .

     كلمة حوزة من حاز يراد بها لشيء وضمه وجمعه ( ابن منظور ، لسان العرب مادة حوز ) وتعني الكلمة لغوياً المكان الذي ينضم الناس فيه إلى بعضهم بعض .

     وفسرت الحوزة بعدة تعريفات مثل المؤسسة العلمية لدراسة العلوم الشرعية أو المجمع العلمي لدراسة العلوم الإسلامية .

تعريف الحوزة :
     " كيان علمي وبشري يؤهل للاجتهاد في علوم الشريعة الإسلامية ويتحمل مسئولية تبليغ الأمة وقيادتها " ( الدجيلي ، ص 76)  ، وفي عهد المحقق الحلي ( ابن ادريس ) المتوفى 598هج ، وهو حفيد الشيخ الطوسي وسبطه انتقل مركز العلم إلى الحلة مؤقتاً على إثر انتقاده لمنهج جده (الدجيلي ، ص 119)

أسباب انتقال إدارة وزعامة الدراسة من النجف إلى الحلة  :
     - بروز شخصية ابن أدريس الحلي وانتقاده أسلوب الشيخ الطوسي .
     - التقليد ووراثة إدارة الحوزة في النجف على يد ابن الشيخ الطوسي وحفيده .
     - امتياز حركة العلم الشيعية بالإبداع الفقهي والاجتهاد ، بينما سد باب الاجتهاد عند الفقه السني .

     درس الشيخ الطوسي في النجف 12 سنة منذ 448هج إلى سنة وفاته سنة 460 هج واستمرت الدراسة في النجف حتى سنة 572هج في عصر الشيخ علي بن حمزة بن محمد بن شهريار الخازن ، ثم انتقلت الدراسة إلى مدينة الحلة في زمن ابن أدريس الحلي ( محمد بن أحمد بن أدريس المتوفى 598هج )  حفيد الشيخ الطوسي ، وبرز أيضا المحقق الحلي ( وهو نجم الدين أبي القاسم جعفر بن يحيى بن سعد الحلي المتوفى 676هج وسمي المحقق نتيجة لجهوده الفقهية ومحاولة إعادة ترتيب مباحث الفقه وتبويبها على خلاف الطريقة السائدة من خلال كتاب " شرائع الإسلام في معرفة الحلال والحرام " وأصبح هذا الكتاب موسوعة فقهية يدرس في المدارس الشيعية ، وظهر في الحلة أيضا ابن أدريس محمد بن إدريس الحلي المتوفى 598هج صاحب كتاب " السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي " كذلك ظهر الحسن بن يوسف المشهور بالعلامة الحلي المتوفى 726هج .

     عادت الدراسة إلى النجف مرة أخرى في زمن المقدس الأردبيلي ( وهو احمد بن محمد الأردبيلي مؤلف ومحقق كبير توفى 933هج إلى أواخر القرن الثاني عشر الهجري ، ثم انتقلت الدراسة من النجف إلى كربلاء في أوائل القرن الثالث عشر الهجري  ، ظهر فيها الفقهاء منهم الشيخ يوسف البحراني المتوفى 1186هج والوحيد محمد باقر البهبهاني المتوفى 1208هج والشيخ محمد شريف بن ملا علي المازندراني المتوفى 1246 هج في كربلاء .

     وعادت الدراسة مرة اخرى إلى النجف خاصة أيام الشيخ محمد حسن باقر الأصفهاني المتوفى 1266 هج وهو صاحب كتاب جواهر الكلام في الفقه والشيخ مرتضى الأنصاري المتوفى 1281هج صاحب كتاب " المكاسب "( الطريحي ، 2002 )

     الهدف الأسمى لنظام التعليم في حوزة النجف هو صياغة الإنسان المجتهد أي بلوغه درجة الاجتهاد من حيث استنباط الأحكام الشرعية وتبليغها أفراد الأمة ، وفي حال عدم الوصول إلى درجة استنباط الحكم الشرعي فأن المتعلم عليه مسئولية مهمة التبليغ من خلال المحاضرات والندوات وتأليف الكتب وارتقاء المنبر الحسيني ( موسوعة النجف ، الدجيلي ، ج6 ، ص 75)   

نظام الدراسة في النجف :
     بدأت الدراسة المنظمة في النجف على يد الشيخ الطوسي وهي دراسة حرة بمعنى لا توجد في مدارسها صفوف منظمة ولا كتب مقررة ولا أساتذة يعينون لها ولا توجد قاعات مخصصة للتدريس ولا امتحانات ، بل طالب العلم فيها يقرأ أي كتاب يشاء وعند أي أستاذ يختاره وفي أي مكان من أواوين الصحن الشريف أو البيوت والباحات والمساجد الكثيرة ومنها المسجد الهندي ، وهناك الطلاب الإيرانيين والهنود والعراقيين واللبنانيين والخليجيين يدرسون في مدارسها وأعمارهم بين 20 سنة و60 سنة ولهم مخصصات مالية قليلة وحصة يومية من الخبز والسكن المجاني في مدارسهم .

مكونات الحوزة العلمية في النجف :
     العنصر البشري ويضم الفقيه المرجع المجتهد والأساتذة العلماء والمتعلمين .

     العنصر المادي ويضم المناهج الدراسية ( المقررات الدراسية ) مثل الفقه وأصول الفقه والتفسير والحديث ، وأماكن للتعليم  ، والتمويل .

أسلوب الدراسة في حوزة النجف :
     نظام الحلقات هو النظام التقليدي السائد في الجامعات الإسلامية ومنها جامعة النجف والأزهر ، وينقل عن السيد محسن الأمين أنه ذكر أن طريقة التدريس نوعان :

- تدريس السطوح وهو القراءة من الكتاب من قبل الأستاذ ثم يشرح النقاط المطلوبة لطلبته خاصة إبداء رأيه أو اعتراضه على بعض النقاط ، وفي هذه المرحلة يدرس الطلاب النحو والصرف والبيان والمنطق والأصول والفقه في كتب مخصوصة .

- تدريس الخارج أي الخارج عن الكتاب وهو إلقاء الدرس بدون كتاب خاصة في الفقه والأصول لنيل درجة الاجتهاد ،  ويحضر من أنهى مرحلة السطوح ، ويلقي الشيخ مسائل أصول الفقه واحدة بعد أخرى ويذكر أقوال العلماء فيها وحججهم ثم يفندها وقد يناقشه طلابه في آرائه وهكذا حتى ينتهي من مسائل الباب الذي بدأ به وينتقل إلى باب آخر .

طريقة التدريس في مدارس النجف :
     توجد طريقتان :

طريقة التحليل :
     حيث يتناول الشيخ موضوع ويجزئه إلى أقسام ثم يتناول كل قسم ويحلله إلى أجزاء أيضا وهكذا يقسم ويحلل ويجزيء حتى يصل إلى أدق تلك الأقسام ويبحث في الأسباب والعلاقات والمعاني والألفاظ .

طريقة التفسير والشرح :
     حيث يشرع الشيخ في عرض القضية مع تفسيرها وشرحها من جميع الوجوه ثم يختار الوجه الذي يميل إليه .

     ويتخلل هاتين الطريقتين الحوار هو أسلوب يطرح الأسئلة على الطرف المقابل ( المفروض) ( الدجيلي ، ص187)

هناك ثلاث مراحل يجب على الطالب أو المتعلم اجتيازها في حوزة النجف:
     الدراسات التمهيدية أو ما يسمى مرحلة المقدمات .
     الدراسات الوسطى أو مرحلة السطوح .
     الدراسات العليا أو مرحلة بحث الخارج .

     وبعض الدروس تأخذ طابع انفرادي بمعنى يكون الدرس بين الشيخ والمتعلم ، وهناك اتفاق بين الشيخ أو المعلم وبين طلابه في اختيار الكتاب والزمان والمكان ومدة الدرس يكون بين نصف ساعة إلى ساعة كاملة ، وإذا كان الدرس فوق مستوى الطالب يغادر حلقة الدرس باختياره ، والنقاش بين الشيخ وطلابه  سمة مشتركة في مرحلة السطوح ومرحلة بحث الخارج ( الدجيلي ، ص 202)    

أهم الكتب والمقررات الدراسية في جامعة النجف:
     كتاب قطر الندى لابن هشام وشرح منظومة لبن مالك ومغني اللبيب لابن هشام وكلها في النحو .

     وكتاب النظام والمكودي في الصرف .

     وحاشية الملا عبدالله الشارحة لمتن التفتازاني في المنطق .

     وشرح المطول أو المختصر لسعد الدين في المعاني والبيان .

     وكتاب الكفاية للعلامة الخراساني ورسائل الشيخ الأنصاري في الأصول .

     وشرح اللمعة للشهيد العاملي وكتاب المكاسب للشيخ الأنصاري في الفقه .

     وكتاب الرجال لأبي علي في الرجال .

     وكتاب الوسائل وكتاب البحار في الحديث والأخبار .

     وقاموس الفيروزآبادي وصحاح الجوهري في اللغة .

     وكتاب خلاصة الحساب للشيخ البهائي .

     وكتاب أشكال اقليدس في الهندسة .

     وكتاب المجسطي في الهيئة .
( الدجيلي ، ص 193 )

بوادر التطور الحوزوي : 

مدرسة الشيخ عز الدين الجزائري :
     ولد الشيخ عز الدين الجزائري في النجف الأشرف 1342هج -1923م نشأ في بيت علم وجهاد بدأ دراسته الأولى في مدرسة ولده ( الشيخ محمد الجواد المتوفى 1378هج ، وتسمى مدرسة الجزائري ) سنة 1354هج فدرس العربية والمنطق والكلام والعقيدة وأصول الفقه والفقه الاستدلالي وحضر بحث الخارج عند عمه عبدالكريم الجزائري المتوفى 1382هج والشيخ محمد علي الجمالي المتوفى 1965م ونال شهادة الاجتهاد من المرجع العلمي عمه الشيخ عبدالكريم الجزائري وحصل على إجازات رواية من علماء النجف وكربلاء والكاظمية وبغداد وسامراء ولبنان وقم .

أسباب ظهور فكرة تنظيم الدراسة في الحوزة :
     - المعاناة النفسية للمتعلمين من دراسة الحلقات في الحوزة .

     - كثرة اطلاعاته وقراءاته للفكر والتاريخ القديم والحديث .

     - الاستماع إلى الصراع الفكري في نادي أبيه ونادي عمه ودراسة هموم الدراسة الحوزوية والنقد الموجه إلى بعض جوانبها .

     - الرحلة إلى لبنان والتعرف على الأحزاب والجمعيات الثقافية والتعليمية 1945م .

     عندما رجع إلى النجف وطرح فكرة تنظيم وتحديد الوضع الإداري والدراسي والمالي والأعلامي ، فأسس مدرسة النجف الدينية 1957م واستمرت الدراسة فيها حتى سنة 1970م ، وأنشأ مكتبة عامة في النجف  ، وتضم المدرسة فصول دراسية للطلاب مع منبه أو جرس  لدخول الفصول والخروج منها كما هي الحال في المدارس الحديثة ، ويدرس الطلاب أربع مواد يومياً وتخصيص يوم الخميس على التدريب على الخطابة ، وتتكون المدرسة من مرحلتي المقدمات والسطوح وتدرس المواد التالية : النحو وتمرين الإعراب والصرف والبلاغة والمعاني والبيان والبديع والتجويد والإملاء والإنشاء والأدب والمنطق والتوحيد – العقائد والأخلاق والتفسير وأصول الفقه ومسائل الفقه والفقه الاستدلالي ،  ويوجد نظام امتحان نهاية كل أسبوع دراسي وامتحان نصف السنة وامتحان آخر السنة .

وأهم التخصصات في المدرسة :
     الاجتهاد في الشريعة .
     الوعظ والإرشاد .
( محسن محمد محسن ، ص 14 )  

جامعة الأزهر :
     عرفت مصر جامع ابن طولون وجامع الأخشيديين وهما من مراكز العلم ولكن هذه الجامعات أو الجوامع السابقة صغيرة الحجم وكانت خاضعة لظروف خاصة بعد توالي الخلفاء والسلاطين حكم مصر مما يعني انقطاع الدراسة فيها في فترات متقطعة ، ولكن برزت جامعة الأزهر كجامعة إسلامية كبرى ، وذلك عندما دخل الفاطميون مصر 358هج بعد أن مهد لهم القائد جوهر الصقلي فشرع في بناء الجامع الأزهر عام 356هج وكان الهدف من بنائه أن يكون رمزاً للسيادة الروحية للفاطميين الذين ادعوا اتصال نسبهم بفاطمة الزهراء –ع- وبدأت بعقد دروس في الفقه الإسماعيلي الشيعي واللغة والأدب والطبيعيات والرياضيات في 365هج .

     وفي عام 369هج بدأت حلقات الدرس في الأزهر تتحول إلى دراسة جامعية منظمة ، وعين ابن كلس جماعة من الفقهاء للقراءة والدرس في عام 378 هج  ، وكان يعقوب بن كلس يقرأ فيه كتابه المعروف بالرسالة الوزيرية في الفقه الإسماعيلي .

     وظهرت حركة علمية كبيرة في مصر والشام أيام الفاطميين ، خاصة الحركة العقلية التي ازدهرت أنذاك في بغداد أيضا على يد الفلاسفة الذين تأثروا بالفلسفة اليونانية .

     وكانت الدراسة في الأزهر تقوم على سياسة الباب المفتوح أي يستطيع كل مسلم أن يدرس فيه وتجري عليهم الأرزاق ، وظهر ما يعرف بنظام الأروقة حيث يسكن الطالب الغريب أو البعيد عن وطنه في غرف مخصصة للسكنى ( السكن الداخلي ) .

     وظهرت المقررات الجديدة إلى جانب المقررات الدراسية المألوفة فإلى جانب الفقه والقرآن والحديث والأدب والطب ظهرت علوم  مثل علوم اللغة النحو والصرف والبلاغة والتاريخ  ، وأول كتاب درس في الأزهر كتاب " الاقتصار " الذي صنفه أبو حنيفة النعمان بن محمد القيرواني قاضي معز لدين الله في فقه آل البيت وقام ولده بدراسة وقراءة هذا الكتاب ، وله كتاب " دعائم الإسلام " وكتاب " اختلاف أصول المذاهب " وكتاب " الأخبار " وكتاب " اختلاف الفقهاء " ، وكانت تدرس هذه المقررات في الأزهر حتى نهاية القرن الرابع الهجري ، ولم يقتصر التعليم أيام الفاطميين في الأزهر على المذهب الشيعي الإسماعيلي إنما كان التعليم لجميع المسلمين ، ورتب الحافظ لدين الله أربعة قضاة : أثنان من الشيعة أحدهما إمامي والآخر إسماعيلي وأثنان من أهل السنة ( القزويني ، ص 319) 

     ونتيجة لازدهار العلوم النقلية والعقلية في مصر وخاصة في الأزهر فقد اهتم الخلفاء الفاطميون بدور الكتب أو ما يعرف بدار الحكمة حيث وجدت مائتي ألف مجلد في سائر العلوم والفنون في الفقه والحديث واللغة والتاريخ والأدب والطب والكيمياء والفلك ، وكانت للأزهر مكتبة خاصة به وتسمى " خزانة الكتب " ويتولى شئونها شخص له منصب رفيع بعد قاضي القضاة .

     كان على رأس المعلمين في الأزهر القاضي أبو الحسن علي بن النعمان وهو أول من درس في الأزهر وتوفى في 374هج ودرس أخوه أيضا واسمه القاضي محمد بن النعمان المتوفي 389 هج ثم ولده الحسين بن النعمان قاضي الحاكم بأمر الله الفاطمي ، وهناك فقيه مصر ومؤرخها الحسن بن زولاق المتوفي 387هج .

     وعز الملك محمد بن عبدالله بن أحمد الحراني المتوفى 420هج والفقيه محمد ابن سلامة بن جعفر الحنفي المتوفى 454هج والنحوي اللغوي علي بن إبراهيم ابن سعيد وألف كتباً في النحو والأدب توفى في 430 هج وغيرهم .

     ولم يقتصر التعليم حكراً على الذكور وإنما كان التعليم فتح للنساء فرص التعلم ومن هؤلاء النساء أم زينب فاطمة بنت عباس المعروفة بالبغدادية التي توفيت في 714 هج وكانت تدرس النسوة من مصر ودمشق ( خفاجي ص71 ) .

     وبعد ما حكم الأيوبيون مصر عام 567هج انمحى الفقه الإسماعيلي الشيعي ، حتى لم تقم صلاة الجمعة في الأزهر زهاء مائة عام (  خفاجي ، ص 84 ) ، ومع ذلك فقد نبغ كثير من العلماء والأدباء والشعراء في عهد الأيوبيين منهم الحسن الفارسي في اللغة والأدب والطب والهيئة المتوفي 598هج وابن الحاجب النحوي المتوفي 646هج والشاطبي المتوفي 590هج وابن الفارض  الصوفي المتوفى 632 هج ، والحافظ المنذري المتوفى 660هج ( خفاجي ، ص87)

     وبعد سيطرة المماليك على مصر وسقوط دولة الأيوببين افتتحت جامعة  الأزهر لتقام صلاة الجمعة بعد سنة 665هج في عهد بيبرس  ، وهذا وقد قامت حركة تجديد بناء الأزهر في هذا العهد فبعد زلزال سنة 702هج تولى الأمراء في تجديد بناء الأزهر وبقية المدارس والجوامع ، وأيضا جدد جامع الأزهر في زمان القاضي نجم الدين الاسعردي محتسب القاهرة سنة 725هج .

     وفي هذا العهد قصد علماء ومفكري أهل الإسلام مصر واشتركوا في تجديد الحركة العلمية في الأزهر ومنهم ابن خلدون الذي حضر من بلاد المغرب .

الإصلاحات في الأزهر:     
     في عهد العثمانيين منذ 923هج فترت حركة العلم في المدارس والجوامع في مصر حتى وصل الأمر إلى تحريم بعض العلوم العقلية كالفلسفة والرياضيات وجمود حركة الفقه الإسلامي حتى القرن الثامن عشر الميلادي ودخول الفرنسيين إلى مصر ومقاومة علماء الأزهر للحملة الفرنسية ومحاكمة بعضهم على يد الفرنسيين  ،ظهرت قوانين إصلاح منها ما أصدره إسماعيل لإصلاح الأزهر مثل رفع مستوى الأساتذة والطلاب وتقرير رواتب ثابتة للأساتذة وتقرير أداء الامتحان عند التخرج من قبل لجنة تعين المواد التي يجب على الطالب أداء الامتحان فيها ، وفي عام 1895 أصدر الخديوي عباس أمراً إلى الشيخ محمد عبده تأليف مجلس لإدارة الأزهر من كبار العلماء يمثلون المذاهب الأربعة يستند إلى هذا المجلس تطوير الحركة التعليمية وصرف مرتبات للأساتذة والاهتمام بمساكن الطلاب وتحديد العطل وإدخال بعض المواد والعلوم الحديثة .

     وفي عام 1930 صدر مرسوم بقانون لإعادة تنظيم الجامع الأزهر وقسم مراحل التعليم إلى أربع مراحل :

الابتدائية : مدتها أربع سنوات ، والثانوية ومدتها خمس سنوات ، والمرحلة العالية ( الجامعية ) ومدتها أربع سنوات وتمثلها الكليات : اللغة العربية والشريعة وأصول الدين ، المرحلة الرابعة وهي مرحلة التخصص في المهنة أو في المادة .

     والتخصص في المهنة الهدف منه إعداد علماء يقومون بمهنة الوعظ والإرشاد أو الوظائف القضائية بالمحاكم الشرعية والإفتاء والمحاماة ، والتخصص في المادة إعداد علماء متفوقين في العلوم الأساسية: اللغة العربية والشريعة وأصول الدين للتدريس في الكليات الثلاث . 

     وبعد خروج الفرنسيين مصر تولى محمد علي العثماني الحكم وأخذ يتودد إلى الشعب وأيده العلماء 1220 هج ، وقام العلماء بحركة إصلاح في الأزهر فصدر قانون ينظم الامتحانات والشهادة العلمية التي تمنح للخريجين ، وفي سنة 1329هج - 1911م صدر قانون لتنظيم الدراسة إلى مراحل وجعل لكل مرحلة تعليمية مواد وإنشاء هيئة تدير شئون الأزهر وتنظيم الامتحان والشهادة ، وأن الأزهر معهد ديني ، وأنشئت كليات : الشريعة واللغة العربية وأصول الدين ، وأدخلت مواد دراسية حديثة مثل اللغة وعلم النفس وعلوم التربية والفلسفة وتاريخ الأديان ودراسة الفرق الإسلامية والقانون والاقتصاد السياسي .

     وصدر قانون الأزهر الإصلاحي في 1381هج – 1961 وجعل هذا القانون الأزهر جامعة دينية علمية شاملة ، وتكونت هيئات في الأزهر مثل المجلس الأعلى للأزهر ويختص رسم السياسة العامة لهذه الجامعة ويرأس هذا المجلس شيخ الأزهر ، ومجمع البحوث الإسلامية الذي يشرف على البحوث وتنظيم البحوث إلى الخارج .

     وإدارة الثقافة والبعوث الإسلامية ويختص بالنشر والترجمة والعلاقات الإسلامية ، وجامعة الأزهر وتضم كليات : الدراسات الإسلامية واللغة العربية والإدارة والهندسة والزراعة والطب والتربية وكلية البنات ( خفاجي، ص181)  

سابعاً : تمويل التعليم :
     تمويل التعليم بمعنى توفير الموارد المالية اللازمة لأداء المهام والوظائف التعليمية واستمرارها وأي نقص في هذا الموارد فأنها تأثر سلباً على هذه الوظائف وقد تعرقل عملية التعليم إن لم يكن تشل حركتها ، إذ أن توفر الموارد المادية والبشرية الأخرى ( العينية والحقيقية ) منوطة بتوفر الموارد المالية لأي مؤسسة تعليمية ، كذلك تتوقف بعض الأهداف المرسومة نتيجة لقلة الأموال المصروفة على بعض النواحي التعليمية بسبب عدم تحديد المهام التعليمية ومن ثم تعطيل بعض هذه المهام لعدم توفر المال الكافي .

     وتتعدد مصادر تمويل التعليم في مختلف دول العالم ، فالدول النامية تعتمد أساس عملية تمويل التعليم على الحكومات  بينما أكثر الدول المتقدمة تعتمد عملية التمويل على القطاع الخاص مثل المؤسسات الصناعية والمالية ومنها فرض الضرائب أو منح القروض وهناك المساعدات والهبات الخارجية وتسمى برامج أقراض طلبة الجامعات في مختلف الدول النامية والمتقدمة عن طريق الوكالات الحكومية أو البنوك التجارية أو المؤسسات المالية وهو ما يعرف ببنك الطلبة وتقدم القروض بسعر فائدة منخفض أو بدون فائدة ويسدد الطالب ما عليه بعد تخرجه ، وتشجع كثير الدول النامية المجتمع المحلي في دعم التعليم أثناء الأزمات المالية التي تمر بها ( إسماعيل ، 1990 ، خلف ، 2006 )وهناك نظام البطاقات وذلك عندما يتولى القطاع الخاص إدارة وتنفيذ المؤسسة التعليمية بينما يتولى قطاع الحكومة تمويل التعليم عن طريق منح الطالب والدارس بطاقة خاصة لكي يتعلم في هذه المؤسسة ولا بد من وجود نوعية من التعليم ذي تنافس يقدمها القطاع الخاص ووجد هذا النظام في بعض الدول الغربية  وهناك ما يعرف التمويل الذاتي وهو عبارة عن أن المؤسسة التعليمية والتدريبية تتفاعل مع المجتمع عن طريق القيام بأنشطة وأعمال إنتاجية وخدمية تدر عليها دخلاً تمول بها ذاتياً أي قد تستغني عن التمويل الخارجي ولا بد أن تنافس هذه المؤسسة بقية المؤسسات بتقديم نوعية عالية من الخدمات التعليمية ( الإنتاج ) وتوفر المرونة في سن التشريعات والإجراءات للاستفادة من الدخل المتأتى من أعمالها وخدماتها الإنتاجية ( واصف المصري ،2003 ) 

     لقد كان اهتمام الإسلام بالعلم والتعليم كبيراً إلى درجة حث الإسلام وشجع على صرف الحقوق الشرعية على العلم وطلابه وذلك لأهمية العلم وفضله عند الله سبحانه ، روى الديلمي عن النبي (ص) :" من أعان طالب  العلم بدرهم بشرته الملائكة عند قبض روحه بالجنة وفتح الله له باباً من نور في قبره ( إرشاد القلوب ، ج1 ، ص172 ) وعلى الرغم من أن المعلمين لا يطلبون الأموال كأجر على عملهم التعليمي مع ذلك كان التمويل على التعليم أهلياً وخاصاً في مختلف العصور الإسلامية إلا أن بعض السلاطين كان يقدم المساعدات لطلبة العلم أحياناً ،  مثل بني بويه والسلاجفة والمماليك والأيوبين ، وعند الإمامية كانت مدينة " قم " في عصر أئمة أهل البيت –ع- قد وقفت أموالاً على حركة التعليم ـ، هذا وذكر الحسن بن محمد القمي في كتابه " تاريخ قم " ذلك ، وأيضا ذكر عبدالجليل القزويني الرازي في كتابه " النقض " الذي ألفه سنة 560 هج بعض المدارس ذات أوقاف ويديرها الفقهاء والعلماء من الشيعة ( فياض ، ص261) ، وكانت جامعة النجف تعتمد على الموارد والحقوق الشرعية من الشيعة وليس على أي مورد مالي من السلطة منذ تأسيسها على يد الشيخ الطوسي ( القزويني ، ص294)

كذلك توجد مدارس عند أهل السنة تدار بأموال الأوقاف منها :
     المدرسة الظاهرية والمدرسة المنصورية بمصر  والثانية تخصصت بالطب .

     المدرسة المسعودية بغداد لدراسة المذاهب الأربعة والطب .

     المدرسة الصلاحية بحلب .

     المدرسة الغياثية بمكة المكرمة .

وتوجد دور الكتب أو خزائن الكتب التي أنشت بأموال الأوقاف :
     دار العلم بالموصل ودار العلم بالبصرة ودار العلم بغداد ودار الحكمة في القاهرة ودار الكتب في فيروزآباد وخزانة الكتب في حلب وخزانة المالكية في مكة .

     وشمل الوقف على المعلمين والمتعلمين أبان العصور الإسلامية وذلك نتيجة لحث الدين على أهمية العلم والتعليم ( الداود ، 2006 ) 

تعددت مصادر تمويل التربية والتعليم ،

مصادر تمويل التعليم :
1- عطايا الأئمة والخلفاء والوزراء :
     لا تختلف هذه المصادر بين الشيعة أو السنة إلا أن الخلفاء والوزراء كان لهم دور في تمويل التعليم على مؤسسات التعليم وفق المذاهب الأربعة ، بينما نجد مع تشابه المصادر التالية في مسألة التمويل على التربية والتعليم بين السنة والشيعة إلا أن موارد التمويل لدى الشيعة ضئيلة لما عليه عند السنة وذلك حسب الظروف السياسية التي مر بها أئمة اهل البيت –ع- وعلماء الشيعة .

2- الأوقاف :
     وقد تحدثنا عن العوامل المؤثرة للتعليم لدى الشيعة الإمامية ذكرنا وجود أموال وأوقاف للأئمة ونوابهم وتصرف في أوجه الخير ومنها التربية والتعليم .

     كان أمير المؤمنين قد أوقف بعض أمواله على فقراء المدينة ، وقد استغل المسلمون إباحة الوقف واستحبابه في بعض الأحيان إلى صرف بعض الأوقاف على التعليم .

     وقد نوه أحد الكتاب إلى أن عدم وجود أوقاف على التعليم في الثلاثة القرون الأولى من الهجرة سوى تعليم الكتاب إذ يدفع الآباء نفقات تعليم أبنائهم إلى معلم الكتاب   ( فياض ، ص 254) ، على الرغم من وجود أوقاف للعلويين في قم وغيرها من المدن الأخرى مع بدايات القرن الثاني الهجري .

 3- الخمس والصدقات والزكاة :
     وأما قبل ذلك فقد تدفع من الحقوق الشرعية خاصة الخمس ولو أن ذلك كان في نطاق ضيق وكذلك ما يوصي به الميت قبل موته من التركة إلى إمامه –ع-  ، ونقل عن الكشي أن الإمام الصادق –ع- كان يعطي بعض الطلبة الفقراء مبالغ من المال ( فياض ، ص50)

     ولكن بعد سنة 260 هج وظهور المؤسسات التعليمية وكثرة مصروفات التعليم استدعى الأمر إلى تخصيص أوقاف للتعليم ، وقد حدد الإمام الجواد–ع- المنتفعين من الوقف بأيتام آل محمد ومساكينهم وفقرائهم وأبناء سبيلهم كما يفهم من كلام  الإمام الباقر –ع- لأحد الشيعة  " الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالاتنا وعلى موالينا " ولعل منهم المتعلمين والمعلمين ، ومن شروط العطاء والمنح اعطاء صاحب الفقه ( فياض ، ص257 نقلاً عن من لا يحضره الفقيه ، القمي ، ج2 ص18 )

4- أهل الإحسان والخير ( المحسنين ) :
     ومن أوجه الصرف أو مصادر التمويل على التعليم هبات المحسنين من الشيعة وتصرف هذه الهبات على إنشاء أماكن للتعلم أوصيانتها أو إعطاء مساعدات بأي عنوان للمعلمين والمتعلمين ، جاء في ( إرشاد القلوب ، ج1 ، ص172 ، للديلمي )

     " من أعان طالب العلم بدرهم بشرته الملائكة عند قبض روحه بالجنة وفتح له باباً من نور في قبره " ( فياض ، ص257) وهذا العياشي قد انفق على العلم من تركة أبيه حوالى ثلاثمائة ألف دينار (ص132 ، فياض ، نقلاً عن رجال الحلي ص235)

     وكذلك السيدين الرضي والمرتضى في الانفاق على العلم وطلبته ، وكان لبني بويه دور في دعم التعليم وفق مذهب أهل البيت –ع- مع بداية القرن الرابع الهجري، فقد خصصوا أوقافاً للتعليم .

 5- السلاطين :
     في عهد الفاطميين وفي عهد المماليك  أخذ بعضهم يقوم بتمويل الحركة التعليمية في الأزهر سواء بتجديد البناء أو صرف الرواتب على الطلبة .

ثامناً : سوق العمل :
     هذا المكون جديد لم يوجد في الأدبيات التي تتناول مكونات أي نظام تعليمي في السابق أي لم يطرح أنه مكون من مكونات هذا النظام ، وإن زاد الاهتمام به أخيراً لوجود خلل بين مخرجات التعليم وسوق العمل والانتاج ، وأعتقد أن هذا الخلل لم يوجد إذا وضع هذا المكون الجديد مع بقية مكونات النظام التعليمي منذ البداية  ، إذ أن المسيرة التعليمية بل الحياتية لا يكون لها بعد مستقبلي واضح أو لا تقوم على أسس قوية وأهداف مستقبلية في غياب هذا المكون  ، وقد ظهر الاهتمام حديثاً بهذا المكون عند الدول التي أرادت أن تنافس الدول الصناعية والمتقدمة ، ولعل نجاح هذه الدول في تنمية بلادها ووضعها في مصاف الدول المصنعة زاد الاهتمام بهذا المكون ، كذلك تزايد أعداد العاطلين عن العمل جعل الدول المتقدمة والنامية تعيد النظر في مناهجها الدراسية لتلبى مع احتياجات سوق العمل ولعلاج اختلالات هيكلية في قوة العمل وعلاقتها بمخرجات التعليم ، إذ أن التطور التكنولوجي السريع يتطلب وظائف جديدة ولم يفكر بها صانعو المناهج الدراسية وبالتالي سوف توجد مخرجات ليس لها مكان في سوق العمل مع اعتماد الشركات الكبرى والمتوسطة على الأيدي العاملة الفنية من الخارج .

     يعتمد هذا المكون ( سوق العمل ) على نوعية الموارد البشرية تعليماً وتدريباً التي لها دور في التنمية العامة وفق العلاقة الوطيدة بين مستوى التعليم ومستوى الانتاج والتنمية والتطوير ، بمعنى كلما زاد مستوى التعليم زاد في المقابل مستوى الانتاج .

     وقد بدأت دول الخليج العربية الغنية تشجع على التحاق العمالة الوطنية في مؤسسات القطاع الخاص وذلك لكي تقلل من أعداد العاطلين عن العمل في مؤسسات الحكومة   ومن جهة التخطيط لسوق العمل من خلال إعادة النظر بالمناهج وأهدافها لكي تجد خريجي متعددي التخصص ينخرط  بسهولة في أسواق العمل الحكومي أو الخاص .

     مع إجراء الدراسات بهذا الصدد لتوجيه القوى العاملة إلى المسارات المطلوبة من أجل النمو الاقتصادي .

     وعند دراسة النظام التربوي عند الشيعة الإمامية نجد أن أئمة أهل البيت –ع-كانوا يفكرون في مستقبل مذهب أهل البيت وكيف ينتشر ويأخذ وضعه الطبيعي بين أفراد الأمة وذلك من خلال تخريج علماء في مختلف العلوم يسهمون في نشر علوم أئمة أهل البيت –ع- :

- من خلال تدريب الأئمة تلامذة في المناظرة ففي مجلس الإمام الصادق –ع- أراد  رجل من أهل الشام أن يناظر أصحاب الإمام فطلب الإمام احد تلاميذه الذي يحسن علم الكلام ليناظر الرجل الشامي في مسألة الإمامة ( المفيد ، ص278)

- إعداد معلمين في الحديث ودرايته فهذا الإمام الصادق يوصي ابنه يا بني أعرف منازل الشيعة على قدر رواياتهم ومعرفتهم فإن المعرفة هي الدراية للرواية وبالدرايات للروايات يعلوا المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان أني نظرت في كتاب لعلي –ع- فوجدت في الكتاب إن قيمة كل أمريء وقدره معرفته إن الله يحاسب الناس على قدر ما أتاهم من العقول في دار الدنيا ( فياض ، 123 ، نقلاً عن معاني الأخبار ، القمي ) وكما قال الصادق –ع- لمسمع بن عبدالملك إني لأعدك لأمر عظيم " أي أن يكون راوياً لأحادبث أهل البيت ومعلماً لشيعتهم ، ودعا الإمام الصادق لهشام بن الحكم وهو من متكلمي الشيعة فقال له : أقول لك ما قال رسول الله " لا تزال مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك " ( فياض ، ص129 ، نقلاً ابن النديم الفهرست ص257)

-  تخريج العديد من العلماء والمحدثين من مدرسة الباقر والصادق –ع- خاصة الذين روجوا مذهب أهل البيت –ع- وهذا الإمام الرضا –ع-  وهو يحث شيعته الخاصة أن يتعلموا علوم أهل البيت –ع- ليعلموا الناس ، يقول رحم الله من أحيى أمرنا فسأله عبدالسلام بن صالح الهروي : وكيف يحي أمركم ؟ قال : يتعلم علومنا ويعلمها الناس فأن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا ( فياض ، ص136 نقلا عن عيون أخبار الرضا ج1 ص308)

- تخريج القضاة في عصر تنامى وتزايد عدد الشيعة الإمامية فهذا الإمام الباقر –ع- يأمر أبان بن تغلب أن يجلس في مسجد المدينة ويفتي وقال فأني أحب أن يرى في شيعتي مثل ( رجال النجاشي ) 

- جاء دور علماء الشيعة الإمامية في إيجاد كوادر بشرية مشبعين بأفكار مذهب أهل البيت –ع- متبعين تعاليم أئمتهم منذ القرن الثالث الهجري وما بعده  ،  ولا ننسى الظروف السياسية المواتية والمسهلة لحركة هؤلاء العلماء خاصة في بغداد وظهور فطاحل العلماء في هذه الفترة أمثال هشام بن الحكم الذي انتقل إلى بغداد 199هج والشيخ الكليني صاحب كتاب " الكافي " المتوفي 329هج ، وشيخ الطائفة في زمانه محمد بن أحمد بن داود بن علي المتوفي 378هج و  الشيخ الصدوق ( المتوفي 381هج) وقبله والده والشيخ المفيد  ( المتوفي  413 هج ) والشريفين الرضي ( المتوفي 406) والمرتضى  المتوفي 436 هج والشيخ الطوسي المتوفي 460هج .

توجد تساؤلات لا بد منها تطرح عند دراسة واقع النظام التعليمي الحوزوي :

     ما مصير الخريجين في الحوزات العلمية ؟

     هل يوجد حصر لأعداد الخريجين في هذه الحوزات ؟

     هل يوجد حصر لأعداد الدارسين ومنهيين لدراساتهم في مراحل : المقدمات ، السطوح ، بحث الخارج ؟

     هل يوجد تعاون وتنسيق بين مراكز الحوزات العلمية ؟

     هل توجد بطالة بين خريجي الحوزات العلمية ؟ 

المجالات التي سيشغلها طالب العلم بعد الدراسة الحوزوية :
     الخطابة أو القراءة الحسينية
     إمامة المسجد
     موظف في الأحوال الشرعية الجعفرية  في الأوقاف الجعفرية
     مدرس في الحوزة العلمية
     الانخراط في سلك القضاء




أسئلة تقويم الفصل الثاني

اجب عما يأتي :
1-   للنظام التربوي في الإسلام عناصر ومكونات هامة ، اشرح هذه الجملة مع ذكر هذه المكونات باختصار .

2-   ما مفهوم :

       السياسات العامة للتربية ؟
       الإدارة التربوية ؟
       المحتوى العلمي ؟
       المنهج التعليمي ؟

3 - اذكر عناصر المنهج المدرسي أو الدراسي .

4- لقد عرفت المدرسة الإسلامية طرقاً للتدريس تطبق بعضها الآن في المدرسة الحديثة ، ما طرق التدريس في المدرسة الإسلامية ؟

 5- ما دور المعلم في العملية التعليمية ؟

 6- قارن بين أهداف التربية والتعليم في كل من نظام الكتاب وجامعة النجف الأشرف وجامعة الأزهر ؟     

7- لقد برز علماء من الإمامية وغيرهم في العلوم الشرعية وغير الشرعية اشرح هذه العبارة مبيناً أنواع هذه العلوم وأثر على حياة طالب العلم ؟

8- اذكر المقررات الدراسية في جامعة النجف ؟

9- ما مفهوم الإجازة وما أنواعها ؟

10- اكتب بحثاً عن أثر الرحلات في طلب العلم على ألا يتعدى البحث (10) صفحات .

11- كيف يقيم المعلم طلابه في المدرسة أو الجامعة الإسلامية ؟

12- ذكر الشهيد الثاني بعض آداب للمعلم والمتعلم ، وما اسم كتابه  وما الآداب التي يتحلى بها كل من المعلم والمتعلم ؟

13- اذكر طرق الكشف عن الموهبة في الطفل ؟

14- لقد تعددت أماكن التعليم في الحضارة الإسلامية ، اذكر هذه الأماكن وقارن بين المسجد وبين المدرسة الحديثة من حيث :
 سعة المكان ، وتوفر الأجهزة والوسائل المادية ونوع المناخ التعليمي .

15- ما مصادر تمويل التعليم في الإسلام ؟

16 – ما المقصود باحتياجات سوق العمل ؟

17 – ما المجالات التي سيشغلها طالب الحوزة العلمية بعد الانتهاء من الدراسة



المراجع :
- رجال النجاشي ، مكتبة الداوري ، قم ، إيران 1397هج 
- الإرشاد ، الشيخ المفيد ، منشورات مكتبة بصيرتي ، قم
- منية المريد ، زين الدين العاملي ، إعداد أحمد الحسيني ، دار الكتاب الإسلامي ، 
- تاريخ التربية عند الإمامية وأسلافهم من الشيعة بين عهدي الصادق والطوسي
عبدالله فياض ، مطبعة أسعد ، بغداد 1972
- مدخل إلى تطور الفكر التربوي ، سامي محمد نصار ، جمان عبدالمنعم أحمد ، دار السلاسل ، الكويت 1998
- تربية المسلم في عصر معاصر ، يوسف عبدالمعطي ، طبعة 2 الكويت 1998 الإدارة التربوية في مؤسسات التربية الخاصة ، علي عبدالمحسن تقي ـ الكويت 2002
- مدخل إلى التربية ، عمر أحمد همشري ، دار صفاء ، عمان الأردن 2001
- الأزهر في ألف عام ، محمد عبدالمنعم خفاجي ، عالم الكتب ، بيروت 1988
- موسوعة النجف الأشرف ، جعفر الدجيلي ، دار الأضواء ، بيروت 1995
- سياحة في الشرق ، السيد النجفي القوجاني ، دار البلاغة بيروت 1992
- تاريخ الإسلام ، حسن إبراهيم حسن ،ج4 ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت 1967
- النظام التربوي في الإسلام ، باقر شريف قرشي ، مكتبة الإمام الحسن العامة ، النجف الأشرف 1427هج
- دراسة دور البحث الإجرائي في مواجهة المشكلات التربوية ، عباس سبتي ، وزارة التربية الكويت 1999
- الشيخ الطوسي ، حسن عيسى الحكيم ، مطبعة الاداب ، النجف 1975
- در محضر استاد ، حسن ابطحي ، قم 1403 هج
- برامج عملية ، عباس سبتي ،الكويت  2000 
-الإدارة المدرسية المعاصرة ، عبدالمؤمن فرج الفقي ، منشورات جامعة قاريونس بنغازي 1994 
- إطار مرجعي للتقويم التربوي ، إبراهيم بن مبارك الدوسري ، مكتب التربية العربي لدول الخليج ، الرياض 2001
- الفكر التربوي  عند الشيعة الإمامية ، علاء الدين السيد أمير محمد القزويني ، مكتبة الفقيه ، الكويت 1986
- اقتصاديات التعليم وتخطيطه ، فليح حسن خلف ، جدارا للكتاب العالمي الأردن 2006
- إقتصاديات التعليم ، محمود محروس إسماعيل ، دار الجامعات المصرية ، القاهرة 1990
- اقتصاديات التعليم والتدريب المهني ، منذر واصف المصري ، المركز العربي ليبيا 2003
- سلوك التدريس ، محمد أمين المفتي
- التوجيه الفني في أصول التربية والتدريس ، تيسير الكيلاني وإياد ملحم
- من التنظيم الدراسي في النجف الأشرف ، محسن محمد محسن ، دار المحجة البيضاء ، ييروت 1998م
- النجف الأشرف مدينة العلم والعمران ، الشيخ محمد كاظم الطريحي ، دار الهادي بيروت 2002م
- دور المؤسسات في دعم العملية التعليمية ، نوري الداود ، ورقة عمل مقدمة للمؤتمر 35 التربوي من تنظيم جمعية المعلمين الكويتية ، ما بين 18-20 مارس 2006 ، الكويت
- التعليم  التقليدي ، المطوع في الإحساء ، محمد بن علي الحرز ، سليسل للطباعة والنشر ، دار المحجة البيضاء ، بيروت 2001
 - الموسوعة الكويتية المختصرة ، حمد محمد السعيدان ، الجزء الأول ، الطبعة الأولى 1971 الكويت 
- التربية الإسلامية : أصولها وتطورها في البلاد العربية ، محمد منير مرسي ، عالم الكتب القاهرة 1977
- التربية الإسلامية وفلاسفتها ، محمد عطية الأبراشي ، دار الفكر العربي ، القاهرة
- الأزهر ، فوللرس وجومييه ، ترجمة إبراهيم خورشيد وآخرون ، الكتاب اللبناني ، مكتبة المدرسة ، بيروت 1984
- حضارة العراق ، نخبة من الباحثين ، بغداد 1985
- مجلة المعلم ، جمعية المعلمين الكويتية ، العدد 1597 
-   إدمان على استخدام الانترنت ، عباس سبتي ،  2010 
-  المعلم الأول ، فؤاد الشلهوب ، الرياض ، 
- الدارس في تاريخ المدارس ، عبدالقادر بن محمد النعيمي الدمشقي المتوفى 978هـ ، دار الكتب العلمية بيروت 1990


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق